إنترنت الأشياء والفضاء

المصدر : وكالة الفضاء الأمريكية ناسا
مع تطور وازدهار علوم وتقنيات الفضاء وظهور شركات ناشئة بحلول مبتكرة، زاد الإقبال على تطوير خدمات إنترنت الأشياء بشكل كبير وباتت حديث مجتمع مطوري التقنيات وخصوصا تلك المرتبطة بعلوم المستقبل، فما هو إنترنت الأشياء؟ وكيف يسهم قطاع الفضاء بعلومه وتقنياته في خدمات إنترنت الأشياء وتطويرها؟
إنترنت الأشياء أو ما هو متعارف عليه (IoT) عبارة عن نظام مكون من أجهزة مترابطة وأجهزة ميكانيكية ورقمية، وحيوانات أو مركبات أو تجهيزات أو حتى أشخاص يتم تزويدهم بأجهزة استشعار وبهوية فريدة (UIDs)، لها القدرة على نقل وتبادل البيانات عبر الشبكة أو عبر وسائل اتصالات أخرى دون الحاجة إلى تدخل بشري.
بشكل متزايد، أصبحت المؤسسات والشركات تستخدم الإنترنت الأشياء في قطاعات ومجالات مختلفة للعمل بشكل أكثر كفاءة، وفهم العملاء بشكل أفضل لتقديم خدمة عملاء محسنة بشكل مستمر، وتسريع وتسهيل وزيادة جودة صنع القرار ورفع قيمة الأعمال. فمن إمكانيات وتطبيقات إنترنت الأشياء على سبيل المثال مراقبة صحة مريض زرع جهاز مراقبة القلب، أو مراقبة حيوان مزروع فيه جهاز إرسال من خلال رقاقة حيوية، أو سيارة بها أجهزة استشعار لتنبيه السائق عندما ينخفض ضغط الإطارات أو لمراقبة أي غرض آخر حيوي أو من صنع الإنسان يمكن تعيين عنوان بروتوكول الإنترنت له (IP) ويكون قادراً على نقل البيانات عبر الشبكة.
يتكون نظام إنترنت الأشياء من أجهزة ذكية تدعم شبكة الإنترنت وتستخدم أنظمة مدمجة مثل أجهزة المعالجة، وأجهزة الاستشعار، وأجهزة الاتصال لجمع البيانات التي يتم تجميعها من بيئاتهم وإرسالها واتخاذ التصرف اللائق بناءً عليه. يتم الاتصال بين أجهزة إنترنت الأشياء وبيانات المستشعر عن طريق بوابة إنترنت الأشياء أو أي جهاز آخر، حيث يتم إرسال البيانات لتحليلها محلياً أو في السحابة الرقمية. هذه الأجهزة تقوم بعمل معظم المهام دون تدخل بشري، ولكن يمكن للأشخاص التفاعل مع النظام لإعداد النظام أو إعطاء تعليمات أو الوصول إلى البيانات أو لأي غرض آخر. ويمكن لنظام إنترنت الأشياء استخدام الذكاء الاصطناعي (AI) والتعلم الآلي لجعل عمليات جمع البيانات أسهل وأشمل، وأكثر ديناميكية، وأكثر كفاءة، وفعالية.
من أهمية نظام إنترنت الأشياء إنه يساعد الأشخاص والمؤسسات على العيش والعمل بشكل أكثر ذكاء وكفاءة، وتقديم نظرة للشركات للوقت الفعلي لكيفية عمل أنظمتهم، وتُقدم نظرة داخلية حول كل شيء تقريبا من أداء الآلات إلى سلسلة التوريد والعمليات اللوجستية. وتُمكن أيضاً الشركات من تحويل عملياتها إلى التشغيل الآلي الأوتوماتيكي وتقليل تكاليف العمالة، كما إنه يُقلل من الهدر ويُحسن تقديم الخدمات، مما يجعل تصنيع وتسليم البضائع أقل كلفة، ويوفر شفافية في معاملات العملاء. لقد ساهم هذا في جعل إنترنت الأشياء من أهم التقنيات المتوفرة في الحياة اليومية، وستزداد استخدام هذه التقنية في مختلف المجالات لإمكانياتها في جعل الأجهزة متصلة وهذا بدوره يُسهم في جعل شركات إنترنت الأشياء من الشركات الرائدة في السوق.
هذا النمو الهائل في إنترنت الأشياء يعتمد على التغطية الشاملة والاتصال في الوقت الفعلي، وفي هذا اليوم لا توجد تقنية اتصالات واحدة يمكنها الوصول إلى جميع المناطق والأجهزة في العالم ولا يمكنها التعامل مع العدد الكبير من الاتصالات المطلوبة وحجم البيانات المرسلة والمستلمة لمختلف تطبيقات إنترنت الأشياء. ومع وجود نسبة 80 بالمائة من مساحة الأرض غير مغطاة بواسطة الشبكات الأرضية، فالحاجة إلى الاتصالات الفضائية لقطاع إنترنت الأشياء للوصول إلى إمكانياته الكاملة أمر لا مفر منه. فقد توقعت مؤسسة السماء الشمالية للبحوث (NSR) أن قطاع إنترنت الأشياء سوف ينمو بشكل هائل ليصل قيمته التقديرية إلى 5 مليار دولار أمريكي بحلول عام 2025 وأن يكون إجمالي أجهزة إنترنت الأشياء المتصلة بالإنترنت بحلول منتصف العقد المقبل حوالي 30 مليار جهاز، وهذا النمو المتصور للقطاع على مستوى العالم أمر مذهل.
الفرص لهذا المجال هائلة، ويعود التوسع فيه على توفر الشبكة والتكلفة، حيث تتعهد أكثر من عشرين شركة جديدة ناشئة بتخفيض أسعار معدات الأقمار الصناعية الخاصة بإنترنت الأشياء وتسعيرة الخدمة الشهرية من خلال الاستفادة من الإنتاج الضخم في السوق واستخدام مجموعات من الأقمار الصناعية المصغرة “النانوية” المنخفضة التكلفة لجمع البيانات من الأجهزة الموجودة في أبعد أجزاء العالم أو خارج نطاق تغطية أبراج الهاتف الخلوي. ومن الشركات المعروفة في هذا المجال شركة السرب (Swarm) وشركة اتصالات كبلر (Kepler) الذين أطلقوا عدد كبير من الأقمار الصناعية المصغرة لتوفير تغطية في الوقت الحقيقي لمختلف تطبيقات إنترنت الأشياء والعديد من الشركات تخطط/تطلق الأقمار الصناعية النانوية في الفضاء لتطبيقات إنترنت الأشياء ولا يشترط أن يكون الاتصال في الوقت الفعلي حيث معظم تطبيقات إنترنت الأشياء لا تتطلب أن تكون في الوقت الفعلي. ومن الأقمار الصناعية المطلقة في المدار الأرضي المنخفض في الآونة الأخيرة 90 بالمائة منهم كانت لتوفير خدمات إنترنت الأشياء.
المصدر: everythingRF
تعمل هذه الشركات على إنشاء عالم جديد ومتطور، والاحتمالات الحالية تتعدى التطبيقات الحالية لإنترنت الأشياء وتتجاوز حدود الشبكات التقليدية. ومن الاستخدامات الأولية لتطبيقات إنترنت الأشياء من الأقمار الصناعية تجميع البيانات من السفن في البحار أو المزارع في أفريقيا أو المركبات التي تعمل بالطاقة الشمسية في القارة القطبية الجنوبية، وهذا التطور مدفوع من التقدم في تكنولوجيا الأقمار الصناعية والبطاريات التي غيرت اقتصاد الشبكات الفضائية. وهناك سمتان توحدان شركات إنترنت الأشياء الناشئة الفضائية حول العالم وهو تركيزهم على بناء شبكات تجميع البيانات ذات نطاق ترددي منخفض وخفض التكلفة.
ويمكن للشركات الناشئة الدخول في هذا المجال عبر إطلاق قمر صناعي مصغر واحد أو قمرين صناعيين مصغرين لجذب عملاء أوليين، ثم إضافة المزيد عند زيادة الإيرادات ومع زيادة الطلب. وهذا يخلق سوق مرغوب فيه من عملاء سعيدين لا يشترطون تغطية في الوقت الفعلي للخدمات. فهذا القطاع هو المستقبل والشركات أصبحت تتسارع في الدخول إليه، خاصة باستخدام الأقمار الصناعية المصغرة لتوفير هذه الخدمات لمختلف العملاء حول العالم.
وختاما نتساءل، متى سنرى شركات ناشئة بحرينية تعمل في مجالات انترنت الأشياء وتطبيقات الفضاء؟
إعداد مهندسة الفضاء ريم سنان من الهيئة الوطنية لعلوم الفضاء